هل السلطان محمد الفاتح العثماني ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ؟

 



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها، قال ثور: لا أعلمه إلا قال الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر، فيفرج لهم فيدخلوا فيغنموا، فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون رواه مسلم 

 وهذه المدينة هي قسطنطينية، وتعرف الآن باسطنبول أو استنبول من مدن تركيا، وكانت تعرف قديما باسم بيزنطة، ثم لما ملك قسطنطين الأكبر ملك الروم بنى عليها سوراً وسماها قسطنطينية وجعلها عاصمة ملكه، ولها خليج من جهة البحر يطيف بها من وجهين مما يلي الشرق والشمال، وجانباها الغربي والجنوبي في البر، كما في معجم البلدان لياقوت الحموي.

وفتح القسطنطينية بالقتال قد وقع على يد السلطان محمد الفاتح، وأما فتحها بدون قتال فلم يقع بعد، قال الشيخ أحمد شاكر: فتح القسطنطينية المبشر به في الحديث سيكون في مستقبل قريب أو بعيد يعلمه الله عز وجل، وهو الفتح الصحيح لها حين يعود المسلمون إلى دينهم الذي أعرضوا عنه، وأما فتح الترك الذي كان قبل عصرنا هذا فإنه كان تمهيداً للفتح الأعظم، ثم هي خرجت بعد ذلك من أيدي المسلمين منذ أعلنت حكومتهم هناك أنها غير إسلامية وغير دينية، وعاهدت الكفار أعداء الإسلام، وحكمت أمتها بأحكام القوانين الوثنية الكافرة، وسيعود الفتح الإسلامي لها إن شاء الله كما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. ،، فهذه هي مدينة القسطنطينية وهي مدينة بيزنطة (بيزانس) القديمة وقد أطلق الإمبراطور قسطنطين الأكبر اسمه عليها حين نقل عاصمة الدولة الرومانية من مدينة روما بإيطاليا عام324/م.

وقد فتحها السلطان العثماني محمد الثاني (الفاتح) رحمه الله في 29 مارس عام 1453م ، واتخذها ملوك بني عثمان عاصمة لهم حتى سقوط دولتهم سنة 1922م، وانتقال الحكم إلى الدولة الحديثة التي أنشأها مصطفى كمال أتاتورك ، وكانت القسطنطينية في جميع العهود مركزا دينيا وثقافيا عظيما، كما أنها مرفأ تجاري كبير، وظلت بعد انتقال العاصمة منها إلى أنقرة أكبر مدينة في تركيا وأعظمها أهمية. ،، وهي تقع على ضفتي مضيق البوسفور الأسيوي والأوربي تعرف باسم استانبول نسبة إلى اسمها البيزنطي استن بوليس.

وأما الحديث الوارد في الثناء على فاتح القسطنطينية، قد أخرجه الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن بشر الخثعمي، عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش. والحديث مختلف في صحته، فقد صححه الحاكم والذهبي، وضعفه الألباني، والأرنؤوط في تحقيق المسند.

وأصل فتح القسطنطينية ثابت في صحيح مسلم وغيره، دون الثناء على الجيش والأمير. وقد ذهب الشيخ حمود التويجري في كتابه: " إتحاف الجماعة" إلى أن فتح القسطنطينية المقصود في الأحاديث هو ما سيقع في آخر الزمان قبل خروج الدجال بيسير، ولما يقع بعد. فقال رحمه الله: وقد فتحت القسطنطينية في سنة سبع وخمسين وثمانمائة، على يد السلطان العثماني التركماني محمد الفاتح (وسمي الفاتح لفتحه القسطنطينية) ، ولم تزل القسطنطينية في أيدي العثمانيين إلى زماننا هذا في آخر القرن الرابع عشر من الهجرة، وهذا الفتح ليس هو المذكور في الأحاديث التي تقدم ذكرها؛ لأن ذاك إنما يكون بعد الملحمة الكبرى، وقبل خروج الدجال بزمن يسير؛ كما تقدم بيان ذلك في عدة أحاديث من أحاديث هذا الباب

وكما سيأتي أيضا في حديثي معاذ، وعبد الله بن بشر- رضي الله عنهما- ويكون فتحها بالتسبيح، والتهليل، والتكبير لا بكثرة العدد والعدة؛ كما تقدم مصرحا به في غير ما حديث من أحاديث هذا الباب، ويكون فتحها على أيدي العرب لا أيدي التركمان؛ كما يدل على ذلك قوله في حديث عمرو بن عوف- رضي الله عنه-: «ثم يخرج إليهم روقة المسلمين أهل الحجاز، الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، حتى يفتح الله عليهم قسطنطينية، ورومية بالتسبيح، والتكبير» . 

وفي حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عند مسلم: «فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ» . وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «ويستمد المسلمون بعضهم بعضًا حتى يمدهم أهل عدن أبين». وفي حديث ذي مخمر رضي الله عنه: «أن الروم يقولون لصاحبهم: كفيناك حد العرب، ثم يغدرون ويجتمعون للملحمة» .

 فدل هذا على أن الملحمة الكبرى تكون بين العرب والروم، والذين يباشرون القتال في الملحمة الكبرى هم الذين يفتحون القسطنطينية، وأمير الجيش الذي يفتحها في آخر الزمان عند خروج الدجال هو الممدوح هو وجيشه؛ كما تقدم ذلك في حديث عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه -رضي الله عنه-، وتقدم في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي رواه الخطيب في "المتفق والمفترق ": "أن أمير الجيش إذ ذاك من عترة النبي صلى الله عليه وسلم ". والمقصود هاهنا التنبيه على أن الفتح المنوه بذكره في أحاديث هذا الباب لم يقع إلى الآن، وسيقع في آخر الزمان عند خروج الدجال، ومن حمل ذلك على ما وقع في سنة سبع وخمسين وثمانمائة؛ فقد أخطأ وتكلف ما لا علم له به. اهـ.

وقد ورد عن عبد الله بن بسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين، ويخرج الدجال في السابعة. رواه أبو داود وقال: هذا أصح. وهذا الخبر قد ضعفه أهل الحديث. الشيخ الألباني وغيره.

وقد صح أن القسطنطينية ستفتح قبل قيام الساعة. روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فإذا جاؤوها نزولوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها. 

قال ثور وهو أحد رواة الحديث -لا أعلمه إلا قال: الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا: لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا، فبينما يقتسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال قد خرج، فيتركون كل شيء ويرجعون.

والمدينة المذكورة في الحديث هي القسطنطينية، وقد فتحت بقتال على يد السلطان محمد الفاتح، وأما فتحها بدون قتال فلم يقع بعد، وسيأتي إن شاء الله كما أخبر الصادق المصدوق.

وقد روى أحمد في مسنده والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه الألباني عن أبي قبيل قال كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص وسئل أي المدينتين تفتح أولاً القسطنطينية أو رومية، فدعا عبد الله بصندوق له حلق قال فأخرج منه كتاباً قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولاً قسطنطينية أو رومية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مدينة هرقل تفتح أولاً، يعني قسطنطينية. 

وفتح القسطنطينية بالقتال قد وقع على يد السلطان محمد الفاتح، وأما فتحها بدون قتال فلم يقع بعد، 

قال الشيخ أحمد شاكر: فتح القسطنطينية المبشر به في الحديث سيكون في مستقبل قريب أو بعيد يعلمه الله عز وجل، وهو الفتح الصحيح لها حين يعود المسلمون إلى دينهم الذي أعرضوا عنه، وأما فتح الترك الذي كان قبل عصرنا هذا فإنه كان تمهيداً للفتح الأعظم، ثم هي خرجت بعد ذلك من أيدي المسلمين منذ أعلنت حكومتهم هناك أنها حكومة غير إسلامية وغير دينية، وعاهدت الكفار أعداء الإسلام، وحكمت أمتها بأحكام القوانين الوثنية الكافرة، وسيعود الفتح الإسلامي لها إن شاء الله كما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.

وقد غزى القسطنطينية أمير المؤمنين يزيد بن معاوية غفر الله له

 قال البخاري : حدثني إسحاق بن يزيد الدمشقي حدثنا يحيى بن حمزة قال حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان أن عمير بن الأسود العنسي حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت وهو نازل في ساحة حمص وهو في بناء له ومعه أم حرام قال عمير فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا قالت أم حرام قلت يا رسول الله أنا فيهم قال أنت فيهم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم فقلت أنا فيهم يا رسول الله قال لا

الحاشية رقم: 1

قوله : ( باب ما قيل في قتال الروم ) أي من الفضل ، واختلف في الروم فالأكثر أنهم من ولد عيص بن إسحاق بن إبراهيم ، واسم جدهم قيل روماني وقيل هو ابن ليطا بن يونان بن يافث بن نوح .

قوله : ( عن خالد بن معدان ) بفتح الميم وسكون المهملة ، والإسناد كله شاميون ، وإسحاق بن يزيد شيخ البخاري فيه هو إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الفراديسي نسب لجده .

قوله : ( عمير بن الأسود العنسي ) بالنون والمهملة ، وهو شامي قديم يقال اسمه عمرو ، وعمير بالتصغير لقبه ، وكان عابدا مخضرما ، وكان عمر يثني عليه ، ومات في خلافة معاوية ، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث عند من يفرق بينه وبين أبي عياض عمرو بن الأسود ، والراجح التفرقة وأم حرام بمهملتين تقدم ذكرها في أوائل الجهاد في حديث أنس ، وقد حدث عنها أنس هذا الحديث أتم من هذا السياق . وأخرج الحسن بن سفيان هذا الحديث في مسنده عن هشام بن عمار عن يحيى بن حمزة بسند البخاري وزاد في آخره " قال هشام رأيت قبرها بالساحل " .

قوله : ( يغزون مدينة قيصر ) يعني القسطنطينية ، قال المهلب : في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر ، ومنقبة لولده يزيد لأنه أول من غزا مدينة قيصر . وتعقبه ابن التين وابن المنير بما حاصله : أنه لا يلزم من دخوله في ذلك العموم أن لا يخرج بدليل خاص إذ لا يختلف أهل العلم أن قوله صلى الله عليه وسلم مغفور لهم مشروط بأن يكونوا من أهل المغفرة حتى لو ارتد واحد ممن غزاها بعد ذلك لم يدخل في ذلك العموم اتفاقا فدل على أن المراد مغفور لمن وجد شرط المغفرة فيه منهم .

وأما قول ابن التين يحتمل أن يكون لم يحضر مع الجيش فمردود ، إلا أن يريد لم يباشر القتال فيمكن فإنه كان أمير ذلك الجيش بالاتفاق . وجوز بعضهم أن المراد بمدينة قيصر المدينة التي كان بها يوم قال النبي صلى الله عليه وسلم تلك المقالة وهي حمص وكانت [ ص: 121 ] دار مملكته إذ ذاك ، وهذا يندفع بأن في الحديث أن الذين يغزون البحر قبل ذلك وأن أم حرام فيهم ، وحمص كانت قد فتحت قبل الغزوة التي كانت فيها أم حرام والله أعلم . قلت : وكانت غزوة يزيد المذكورة في سنة اثنتين وخمسين من الهجرة . وفي تلك مات أبو أيوب الأنصاري فأوصى أن يدفن عند باب القسطنطينية وأن يعفى قبره ففعل به ذلك . فيقال إن الروم صاروا بعد ذلك يستسقون به . وفي الحديث أيضا الترغيب في سكنى الشام ، وقوله : قد أوجبوا " أي فعلوا فعلا وجبت لهم به الجنة . انتهى

وصلّي اللهم وسلم وبارك على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين

تعليقات

إرسال تعليق