الحمد لله.
أولاً : من المقرر في شريعتنا : أن الله تعالى أقام الحجة على العباد ، بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، ولم يكن هذا الإرسال لأمة دون أخرى ، ولا لقارة دون غيرها ، بل كان إرسالاً للأمم كافةً ، على اختلاف مكانها ، وزمانها ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر /24 ، وقال تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل/ 36 .
ولذا كان من عدل الله تعالى أنه قضى أنه لا يعذِّب أحداً لم تبلغه دعوة الأنبياء والرسل ، كما قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) الإسراء/ 15
وقال تعالى
: ( ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ
) الأنعام/ 131 .
إلا أن الله تعالى
لم يقص علينا خبر جميع الرسل ، بل قص علينا خبر بعضهم ، وأكثرهم لم يقص علينا خبره
، كما قال الله تعالى : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً
لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ).
وعليه ؛ فالقول
بأن الأنبياء لم يكونوا إلا في منطقة واحدة من العالَم : قول غير صحيح ، بل أرسل الله
الرسل إلى جميع أمم الأرض .
ثانياً : من المعلوم أن أغلب الحضارات التي قامت على مر التاريخ : سكنت هذه البلاد ، وهي ما يسمى بـ "منطقة حوض البحر المتوسط" وما قاربها ، وهي : الشام ، ومصر ، والعراق ، وجزيرة العرب ، وبالتالي كانت الكثافة السكانية ـ في الأغلب ـ في تلك البلاد ، وهذا مناسب جداً لكون أكثر الرسل أرسلوا إلى أهل هذه البلاد .
وأما الحكمة من
أن الله تعالى قص علينا قصص أنبياء ورسل هذه المناطق دون غيرها :
1- أن العبر والعظات
في قصص أولئك الأنبياء والرسل الكرام أعظم من غيرها .
قال الطاهر بن
عاشور رحمه الله :
"وإنَّما
ترك الله أن يقصّ على النّبي صلى الله عليه وسلم أسماء كثير من الرسل للاكتفاء بمن
قصّهم عليه : لأنّ المذكورين هم أعظم الرسل ، والأنبياء ، قصصاً ذات عبر" انتهى
.
"التحرير
والتنوير" (6/35) .
2- أن هؤلاء الرسل
بحكم وجودهم في منطقة العرب وما حولها كانت أخبارهم معروفة عند العرب ، وعند أهل الكتاب
المتواجدين في هذه المنطقة ، وهذا يكون أقوى في إقامة الحجة على هؤلاء ، وتأثير الموعظة
والعبرة بما وقع لهؤلاء .
والله أعلم
تعليقات
إرسال تعليق